
بعد سنوات من الركود… هل تعود صناعة السيارات في الجزائر إلى الطريق الصحيح؟
بعد فترة طويلة من الغموض والانتظار، عاد ملف السيارات في الجزائر إلى الواجهة من جديد، لكن هذه المرة برؤية مختلفة، وأكثر وضوحًا.
في اجتماع مجلس الوزراء الأخير، وضع رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون حدًّا لحالة التردد، وأعلن بوضوح أن ملف استيراد وتصنيع السيارات لم يعد بيد وزارة الصناعة فقط، بل أصبح من صلاحيات مجلس الوزراء حصريًا.
الهدف؟ هو بناء صناعة حقيقية من الصفر، خالية من التلاعب والاحتيال الذي عشنا مرارته قبل 2019.
طي صفحة الماضي… وبداية جديدة
الجزائريون ما زالوا يتذكرون تلك الفترة التي امتلأت بالوعود والمصانع التي كانت تُجمّع سيارات بقطع مستوردة وتُسمّى “صناعة”. التجربة فشلت، ليس فقط بسبب نقص الإنتاج المحلي، لكن أيضًا بسبب الفساد والمصالح الضيقة، مما أدى إلى إغلاق عدة مصانع ودخول السوق في أزمة حقيقية.
الرئيس تبون كان واضحًا: نريد قطيعة تامة مع ما حدث سابقًا. نريد صناعة تعود بالفائدة على المواطن وعلى الاقتصاد الوطني، لا مجرد تجميع وهمي.
مؤسسات جزائرية في قلب المشروع
واحدة من النقاط المضيئة في التوجه الجديد، هي إقحام مؤسسات المناولة الجزائرية المؤهلة في كل ما يتعلق بالتصنيع: كهرباء السيارات، قطع الغيار، وحتى التقنيات الجديدة. هذه خطوة مهمة لأنها تعني أن الصناعة لن تبنى فقط في “المصنع”، بل على يد المئات من الشركات الصغيرة والمتوسطة المنتشرة عبر الوطن.
من أزمة إلى فرصة
نعرف جميعًا كيف أثّر توقّف الاستيراد على السوق: سيارات قليلة، أسعار مرتفعة، وطلب كبير بلا عرض. اليوم، هناك إرادة سياسية حقيقية لتجاوز هذه الأزمة وتحويلها إلى فرصة، من خلال إعادة تشغيل المصانع المصادرة، وتحويلها إلى مؤسسات عمومية تعمل بطرق شفافة وتحت رقابة حقيقية.
12% من الناتج الداخلي؟ ممكن جدًا
الحكومة تطمح لأن تُساهم صناعة السيارات بنسبة لا تقل عن 12% من الناتج الداخلي الخام، رقم طموح، لكنه ممكن، إذا تم العمل بجد، وبعقلية جديدة، وبإشراك كل الكفاءات الوطنية، من مهندسين وتقنيين إلى مستثمرين ومؤسسات شابة.
الجزائر عندها فرصة… والوقت ما بقاش يسمح بالخطأ
الناس تنتظر، السوق تحتاج، والشباب مستعد يخدم.
كل ما ينقصنا الآن هو الاستمرار في هذا الطريق الجديد، بثقة، وبصدق. لأن الجزائري يستحق يشوف “صنع في الجزائر” مكتوبة على سيارة حقيقية… من قلب الوطن، إلى كل الطرقات.